هناك وعي متزايد بأهمية مؤخراً بأهمية السياسات العامة في الجهات الحكومية في المملكة. هذا الوعي جاء نتيجة الحاجة إلى إطار يساعدنا على فهم مشاكل الشأن العام ويقود عملنا تجاه معالجتها. الجهود القائمة مؤخراً لبناء قدرات السياسات العامة، حتى وإن كان ينقصها التنسيق، تعتبر إشارة إيجابية للنضج الذي يمر به العمل الحكومي في السنوات الأخيرة. على الرغم من ذلك، بعض هذي الجهود قد ينتج عنها قدرات سياسات عامة غير فعالة إما لعدم فهم طبيعة السياسات العامة أو المأسسة الغير فعالة لهذه الوظيفة.
هناك ميل من قبل بعض القيادات الحكومية إلى تأسيس إدارة متخصصة للسياسات العامة. مع أن ذلك قد يكون تصرف منطقي، إلا أن ذلك قد لا يكون الحل الأكثر كفاءة. إذا كنا نتحدث عن منظمة مكلفة بصنع السياسات (كالوزارات)، فصنع السياسات يجب أن يكون في صميم عمل هذه المنظمات وأن لا يكون دور إدارة واحدة. السياسات العامة ليس مجال متخصص القانون أو الابحاث الاقتصادية، إنما هي إطار فكري موحد يقود فهم المنظمات للمشاكل العامة التي تقع تحت اختصاصها. يحتوي هذا الإطار على مفاهيم وأدوات تساعد العاملين في هذه المنظمات على العمل والتواصل مع بعضهم بشكل فعال. غياب هذا الإطار قد يؤثر على اتساق أعمال المنظمة وصعوبة التواصل بين العاملين فيها، مما قد يؤثر على قدرتها في التعامل مع شؤونها بشكل فعال. من الممكن تشبيه علاقة الجهة الحكومية بالسياسات العامة بعلاقة تطوير الأعمال (Business Development) بالشركات، حيث زن العمل الأساسي للحكومة هو "صنع السياسات".
هناك حالتين من الممكن أن يكون تأسيس وحدة متخصصة في السياسات العامة حل مناسب. الحالة الأولى في المنظمات التي تكون فيها قدرات السياسات العامة غير ناضجة وبعد. في هذه الحالة، ممكن أن اعتبار وحدة السياسات العامة كمركز للتميز مهمتها تطوير ثقافة صنع السياسات وتوفير الدعم للمشاريع المهمة وتوفير التدريب اللازم. الحالة الثانية هي للمنظمات الغير مكلفة بصنع السياسات كالهيئات أو الصناديق الذي يكون دورها الأساسي تقديم الخدمات العامة. وجود وحدة للسياسات العامة يضمن اتساق أعمال هذه المنظمات مع السياسات العامة ذات العلاقة وتوفير المعلومات الضرورية متابعة وتقييم السياسات.
تم نشرها ابتداءً عبر منصة لينكدإن في تاريخ 23/10/2023